مدونة كائن هامشي وناقم

يوميات وأشياء أخرى

أورويل

استيقظ حبيبي مبكرا هذا الصباح وأعدّ قهوته بنفسه وجلس على المكتب ليعمل، إنها بداية السنة الجديدة والكثير من الأعمال والمهام عليه أن ينهيها،  الكثير الأوراق المتراكمة والرسائل الإلكترونية من مؤلفين/عملاء متواضعين ومشاهير ينتظرون منه ردّا.. 

فضلت أن اتركه يعمل في هدوء وأقرأ متشردًا في باريس ولندن على الشرفة حيث درجة الحرارة اليوم مثالية لقضاء الوقت مع جورج اورويل في درب الديك الذهبي؛ جاء إليّ بعد نصف ساعة مشتاقا، وألقى نظرة على الكتاب وقال وهو واقفا ومبتسما ومنتشيا:

 -هذه ليست رواية!

 هززت رأسي موافقة، وعدت لأقرأ، فأعاد ما قال:

-ليست رواية هل كنت تعرفين هذا؟ انه جوروج أورويل نفسه انت تقرأين سيرة حياته، قلت له مبدية أقصى ما عندي من صوت دهش ونبرة مرضية: -صحيح؟؟ 

في الحقيقة هو كان يريدني أن أجلس إلى جانبه وهو يعمل ويحاول أن يشركني فيما يفعل ويسألني عن رأيي الذي لا يعتدّ به في مطلق الأحوال، مثلا بعث لي بجملة اختارها عنوانا لكتاب وكانت جملة غريبة لا تحمل معنى واضحا وتردّدت في اعطائه رأيي مخافة أن يكون يريد اختباري أو أنه كان يخبرني نكتة، أو يمازحني، ولم أعرف إن كان عليّ أن أعطيه رأيا جادًّا حول ذلك العنوان أم أن أضحك.. فدمجت الردّين معا.. ضحكتُ وقلت:

-يا سلام.. جميل!.. في محاولة تمويهية لتفادي أيّ سخرية لاذعة. 

أنا افضل أن أتجنب مشاركته أوقات عمله لأنه يكون سريع الغضب ومندفعا نحو أيّ جهل يستشعره مني عمّا يقول أو يفعل. نأيتُ بنفسي ورغم ذلك لم أنجُ.. جاء للشرفة ليخبرني بأنّ متشردا سيرة ذاتية وليست رواية.

ثمّ يبدو أن حبيبي لاحظ طيف حزن يحيط بي. فأرسل لي سطرا من الرواية التي أقرأ: 

“إن جرّب امرؤ الحب- الحب الحقيقي- فهل سيتبقى في العالم غير ما يبدو محض شبح للبهجة؟”

فهمتُ أنه يقول لي أنه يحبني. فشعرت بنسمات يناير الباردة تكزّ عظامي، احتضنت كوب القهوة وأكملت القراءة..

“أيها السادة.. هل من حاجة لأن أصف لكم -يلزم انكم تعرفونها بأنفسكم- تلك الرعشة، نصف الرعب ونص البهجة، التي تجري في عروق المرء في مثل هذه اللحظات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *